معتز الشامي (دبي)

حقق منتخبنا الوطني مكاسب مزدوجة، «فنية ومعنوية»، من فوزه أمام نظيره الهندي بهدفين، في المباراة المثيرة التي جمعتهما أول أمس على استاد مدينة زايد بأبوظبي، ضمن الجولة الثانية للمجموعة الأولى لكأس آسيا 2019، التي يدخلها منتخبنا للمنافسة على اللقب.
وشهدت المباراة تألق الضيف الهندي صاحب البصمة خلال البطولة، ولكن منتخبنا استعاد زمام المبادرة، وتقدم بهدف بمهارة فردية لخلفان مبارك، ثم عزز مبخوت بهدف ثاني، ليكسب «الأبيض» أول 3 نقاط ليرفع رصيده إلى 4 نقاط في صدارة ترتيب المجموعة الأولى، والتي أعادت الفريق للهدف من مشاركته في دور المجموعات، وهو التأهل في الصدارة لمواجهة ثالث المجموعة الثالثة، والاستمرار بقوة نحو الأدوار النهائية للمحفل القاري الأهم، وبعيداً عن الفوز الأول لـ «الأبيض» في البطولة، فقد حقق 6 مكاسب أساسية، أكبر من مجرد 3 نقاط في بطولة قارية.
أول تلك المكاسب التي حققها «الأبيض» كانت في البصمة الدولية الأولى لخلفان مبارك، الذي سجل أول أهدافه الدولية مع المنتخب الوطني، في المشاركة الـ7 مع الأبيض، ليؤكد ويقدم دليل اعتماده أحد المواهب القادمة بسرعة الصاروخ لسد الفراغ في مركز صناعة اللعب في تشكيلة المنتخب.
ويقدم خلفان «20 عاماً» أداءً رائعاً منذ أن بات يقوم بدو ر صانع اللعب الأساسي للمنتخب، والمكلف بتعويض غياب عموري، نجم آسيا ومنتخبنا الوطني، الذي تعرض للإصابة بقطع في الرباط الصليبي، ويغيب عن الأبيض خلال البطولة، حيث أثمر التفاهم الكبير بين خلفان مبارك وزميله علي مبخوت، في الجزيرة والمنتخب الوطني، في تحقيق النتيجة الإيجابية للأبيض، وهي الفائدة الثانية للفوز على الهند، والتي تمثلت في عودة علي مبخوت لهز الشباك من جديد بعد انقطاع دام طويلًا، حيث صنع مبخوت الهدف الأول من تمريرة لخلفان، افتتح بها الأخير التسجيل، ثم تلقى مبخوت تمريرة سحرية في الشوط الثاني، وتمكن من إيداعها الشباك بمهارة فردية، ليرفع مبخوت رصيده من الأهداف الآسيوية إلى 6 أهداف، ويبدأ صراع المنافسة على هداف البطولة كما سبق وحسم اللقب الفردي في أستراليا 2015 برصيد 5 أهداف، ومنح مبخوت الفرصة لالتقاط الأنفاس، والتخلص من عبء غيابه عن التهديف الدولي لفترة، وهو ما يساعده كثيراً في استعادة الثقة في قدراته، خصوصاً وأنه يمتلك فرصة رائعة للتقدم في تاريخ هدافي البطولة التي يحتل فيها الترتيب الرابع الآن بين الهدافين التاريخيين لكأس آسيا، التي يتصدرها الإيراني علي دائي بـ14 هدفاً.
أما ثالثة الفوائد، فتمثلت في استعادة الثقة لجميع لاعبي الأبيض، والتي غابت بعد الأداء المتواضع للقاء الافتتاح، وشهد تأثر اللاعبين بالضغط الجماهيري وأجواء وضغوط البطولة، ما أدى للتعادل أمام البحرين، وإضاعة فرصة الفوز وحسم بطاقة التأهل للدور الثاني مبكراً، ليؤجل الأبيض الحسم للجولة الأخيرة أمام تايلاند على استاد هزاع بن زايد، ويلعب منتخبنا على فرصتين في المباراة المقبلة، وهي التعادل بأي نتيجة يرفع رصيده إلى 5 نقاط، ليترقب نتيجة مباراة الهند والبحرين، حيث يضمن فوز المنتخب الهندي له صدرة المجموعة، ويتأهل منتخبنا ثانياً، ليلتقي ثاني المجموعة الثالثة، والمرجح أن يكون أحد منتخبي كوريا الجنوبية أو الصين، بينما يضمن الفوز لمنتخبنا على تايلاند، التأهل في الصدارة، دون الدخول في حسابات معقدة، ليلتقي ثالث المجموعة الثالثة في دور الـ16.
وتصب الثقة التي حصل عليها المنتخب واللاعبون في خانة الإعداد النفسي، لاستكمال البطولة بقوة ورغبة حقيقية في تقديم الأفضل داخل الملعب، وأول أثار تلك الثقة يتوقع أن يظهر بشكل أكبر أمام المنتخب التايلاندي الخطير، الذي استعاد هو الآخر الثقة في قدراته بعد الفوز على المنتخب البحريني في مفاجأة غير متوقعة، بعد خسارته برباعية أمام الهند.
جاءت زيادة الانسجام بين جميع العناصر التي دخلت تشكيلة المنتخب، لتمثل أكبر وأهم المكاسب، حيث مرت ظروف صعبة على الفريق، أدت لغيابات في معظم المراكز تقريباً، ويشهد منتخبنا مشاركة كل من الحسن صالح وخلفان مبارك وعلي سالمين وخليفة مبارك وبندر الأحبابي، كوجوه جديدة على المنتخب، بعد الغيابات لأسباب عديدة منها الإصابة، أو عدم الجاهزية التي أبعدت جانباً كبيراً من الحرس القديم، ويصب الفوز على الهند في منح الجدد الثقة المطلوبة، كما يرسم ملامح الخبرة الدولية لديهم، خصوصاً الحسن صالح وخلفان مبارك.
وتمثلت الفائدة الخامسة، في عودة المصابين خلال البطولة، والتأكد من جاهزيتهم وتمتعهم بلياقة بدنية تمكنهم من استكمال المشوار، وتحديداً إسماعيل أحمد، بالإضافة لبندر الأحبابي، كما استعاد إسماعيل مطر جزءاً كبيراً من لياقته وعافيته، ودفع به الإيطالي زاكيروني في جزء من مباراة الهند، لمنحه حساسية اللعب تدريجياً ليصل لقمة الجاهزية في المباريات المقبلة، ليكون أحد الكروت الرابحة في أداء المنتخب خلال البطولة، حيث يحتاج الأبيض إلى القائد مطر، في مشوار البطولة، نظراً لخبراته الكبيرة وقدراته الفنية كصانع ألعاب مميز في تشكيلة المنتخب.
على الجانب الآخر، وبالعودة للمباراة أمام الهند والأداء الفني للمنتخب الوطني، فقد لعب الأبيض بتشكيل متوازن، ووضح أن الإيطالي زاكيروني يتمسك باللعب بـ 3 محاور ارتكاز في الوسط، مع تحرير علي سالمين للتقدم للأمام والمساعدة في الدور الهجومي لزيادة الفاعلية في الثلث الأخير من ملعب المنافس، لينضم إلى خلفان مبارك على الجهة اليمنى، وإسماعيل الحمادي في اليسرى، ومبخوت كرأس حربة وحيد، كما تم الدفع بماجد حسن على حساب خميس إسماعيل في الشوط الثاني، ليستمر الأداء بالمحاور الثلاثة رغم التقدم بهدف أمام الهند، وذلك بسبب اعتماد الفريق الضيف على أسلحته التقليدية المعتمدة على الهجمات المرتدة، واللياقة البدنية العالية للاعبيه، ويعول زاكيروني على هذا الأسلوب بسبب حرصه على التأمين الدفاعي، وعدم تلقي أهداف تهز ثقة الفريق والجماهير، لاسيما وأن التعامل مع ضغوط البطولة يحتاج لأمور تتخطى مجرد اللعب الجمالي، مع التركيز على زيادة جرعة الثقة من مباراة إلى أخرى، والزحف نحو الهدف الأسمى وهو بلوغ النهائي، والذي يحتاج لمن يتعامل بذكاء مع كل محطة من محطات البطولة، حتى لو غاب الأداء الممتع.